كشف وزير التعليم العالي والبحث العلمي محمد مباركي أن الجامعة الجزائرية وبعد 50 سنة من الاستقلال مقبلة على مرحلة جديدة، ”فلم يعد هدفنا اليوم توفير مقاعد بيداغوجية للطلبة بقدر ما نطمح إلى تجسيد النوعية في التكوين للرفع من مستوى الجامعة الجزائرية”، معلنا في حوار لـ ”الخبر” عن مجموعة من القرارات ستدخل حيز التنفيذ بداية من الدخول الجامعي المقبل، كقرار تقسيم جامعات وهران وتلمسان وعنابة، وتوحيد الوجبات عبر الإقامات للقضاء على ”البزنسة” وسوء التسيير في المطاعم، مع اقتناء سيارات إسعاف وتوظيف أطباء عبر كل الأحياء الجامعية.
حركة تحويل رؤساء ومديري المؤسسات الجامعية ستتواصل
التقسيم الجامعي سيمتد إلى جامعات وهران وتلمسان وعنابة
نعيش هذه الأيام على وقع التسجيلات الجامعية التي تشد أنظار الناجحين الجدد في البكالوريا وأوليائهم الذين ينتظرون عملية التوجيه بعد انتهاء مرحلة التسجيل الأولي..
بعد انتهاء التسجيلات الأولية والتأكيد على بطاقة الرغبات، دخلت هذه الأخيرة إلى المعالجة الآلية التي ستستمر أسبوعا كاملا، حيث ستخضع لدراسة معمقة بمشاركة رؤساء الندوات الجهوية والمراكز الجامعية لتحديد حصة كل تخصص، على أن يعلن رسميا عن نتائج التوجيه بداية من 20 جويلية الجاري.
رغم الجهود التي تبذلها الوزارة في تنصيب مؤطرين أوكلت لهم مهمة مرافقة الطلبة خلال عملية التسجيل، إلا أنه يلاحظ تسجيل عدد مهم من الطعون. بماذا تبررون ذلك؟
لو تحدثنا عن السنة الماضية مثلا، نجد أن 56% من الطلبة تحصلوا على رغبتهم الأولى و75% على الرغبات الثلاث الأولى، وهي نسبة مهمة، يبقى المشكل عادة يخص حاملي المعدلات الضعيفة، ومع ذلك يسمح القيام بهذا الإجراء شرط أن تكون المعالجة الآلية لم تستجب لإحدى الرغبات المدونة في البطاقة، وهنا نقترح عليه 4 أو 5 اختيارات، مع العلم أن هناك اختيارات لا نقترحها نحن بل يقترحها الطالب كاللغات مثلا والموسيقى، وخارج هذا الإطار فالطعن غير مقبول، فهل يعقل مثلا أن يوجه طالب إلى رغبته الثالثة ليطعن من أجل الحصول على رغبته الرابعة فلماذا لم يرتب الأولويات رغم أنه كان له الوقت الكافي لذلك.
كيف تردون على اتهامات التنظيمات الطلابية لكم بإقصائها من عملية مصيرية مثل التسجيلات الجامعية؟
أثبتت العملية أنها لا تحتاج إلى التنظيمات الطلابية لأن الاختيار في الأخير بالنسبة للطالب هو شخصي، ويقتصر دور المؤطرين المكلفين بمهمة المرافقة على إطلاع الطلبة على مجموع التخصصات ومعدلاتهم التي تسمح بالالتحاق بها، والتنظيمات عادة تشارك في التسجيلات النهائية من أجل إطلاع الناجحين الجدد على مكان المؤسسة الجامعية التي وجه إليها كون الطلبة يتنقلون عبر الولايات.
بعد الانتهاء من عملية التسجيل ينتظر الطالب الدخول الجامعي. ما هي تحضيرات الوزارة لهذا الموعد المهم؟
بالنظر لعدد الناجحين الجدد في شهادة البكالوريا الذي يقدر بـ224 ألف و923 طالب، فإن قطاع التعليم العالي على استعداد تام للتكفل بالعدد، سواء من حيث ضمان مقاعد بيداغوجية أو حتى التكفل بالإيواء، ولهذا فقد تم تعزيز المقاعد البيداغوجية بـ62600 مقعد جديد ليصل العدد الكلي إلى مليون و271 ألف و600 مقعد فيزيائي، تستقبلهم شبكة جامعية قوامها 97 مؤسسة تغطي كل التراب الوطني وموزعة على 48 جامعة و10 مراكز جامعية و39 مدرسة خارج الجامعة.
لو تحدثنا عن السنة الماضية مثلا، نجد أن 56% من الطلبة تحصلوا على رغبتهم الأولى و75% على الرغبات الثلاث الأولى، وهي نسبة مهمة، يبقى المشكل عادة يخص حاملي المعدلات الضعيفة
على ذكر الهياكل، هل سيستلم القطاع مؤسسات جديدة مع الدخول المقبل؟
تعززت الشبكة الجامعية بهياكل جديدة ستباشر مهامها بداية الدخول المقبل، وتشمل استلام المدرسة الوطنية العليا متعددة التقنيات بقسنطينة، المدرسة الوطنية العليا للبيوتكنولوجيا (قسم مدمج) بنفس الولاية، المدرسة الوطنية العليا للإعلام الآلي بسيدي بلعباس، إضافة إلى 3 كليات للطب في كل من ورقلة والأغواط وبشار لتحضير شهادة دكتوراه في الطب، وتعززت الشبكة أيضا بفروع ذات تسجيل وطني في الصيانة والأمن والبيئة بمعهد التكنولوجيا بجامعة ورقلة، والاتصالات السلكية واللاسلكية بجامعة قالمة ومركز جامعي بإليزي، تتضمن حوالي 6500 عرض تكوين في الليسانس و3250 عرض آخر في الماستر، وأكثر من 600 في الدكتوراه و42 ذو تسجيل وطني.
الحديث عن التخصصات يقودنا إلى المعلومات التي تؤكد أن الوزارة أغلقت مسابقات الماجستير بالنظر إلى أن النظام الكلاسيكي تلاشى بالنسبة لليسانس؟
هذه معلومات غير صحيحة فتلاشي النظام بالنسبة لليسانس يعني أنه أصبح نظاما واحدا حاليا في التكوين وهو نظام ”ل.م.د”، إلا أنه سيتم فتح مناصب للماجستير في الموسم المقبل، وقد يمتد الأمر لـ3 سنوات أو 4 على أقصى تقدير، كون العملية لن تلقى إقبالا عليها، ليتسنى للجامعة الجزائرية بعدها تقييم النظام الجديد مع العلم أن التقييم الجزئي يسجل سنويا.
من بين المؤشرات الدالة على تحسين الإطار المعيشي للطالب داخل الإقامات الجامعية هو الانتقال من 4 طلبة أو أكثر في غرفة واحدة إلى طالبين فقط،
ماذا عن التقسيم الجامعي الذي سبق أن شمل جامعات الجزائر وقسنطينة وسطيف؟
أثبت التقسيم نجاحه، فبعد تجاوز عدد الطلبة بالجامعة أكثر من 80 ألف يفترض أن يجرى التقسيم لتنظيم أكثر وسهولة في التسيير، وسيشمل بداية من الموسم الجامعي المقبل جامعة السانية بوهران، وكذا جامعتي تلمسان وعنابة.
أجريتم حركة تحويلات على مستوى رؤساء الجامعات ومديري الخدمات الجامعية. هل العملية مستمرة، وما هو الهدف من هذا التغيير؟
حركة التحويلات هدفها إعطاء نفس جديد للمؤسسات الجامعية وتحسين الوضعية أكثر، ويمكن القول إنها مستمرة، وقد شملت وستشمل كل المؤسسات التي سجلت اضطرابات ومشاكل لم يعد هناك حلول لها سوى تغيير القائمين عليها لإعادة الاستقرار، مع العلم أن المؤسسات المستقرة التي أثنى فيها الطلبة والأساتذة على القائمين عليها لا يمكن لنا تحويل مسؤوليها، لأن الاستقرار في الأخير شيء مهم ويخدم القطاع أكثر، وهنا ينبغي الاعتراف بأن هناك رؤساء جامعات ومديري خدمات جامعية أثبتوا كفاءتهم ومنحوا كل وقتهم لاستقرار المؤسسة التي يسيرونها.
الأحياء الجامعية تبقى نقطة سوداء في القطاع بسبب مشاكل الاكتظاظ وسوء التسيير. هل هناك سياسية جديدة لتحسين الوضعية؟
من بين المؤشرات الدالة على تحسين الإطار المعيشي للطالب داخل الإقامات الجامعية الانتقال من 4 طلبة أو أكثر في غرفة واحدة إلى طالبين فقط، وهذا بفضل الإنجازات التي تحققت. وبلغة الأرقام وفي مجال قدرات الإيواء والإطعام، فقد استلم القطاع برنامجا قوامه 58582 سرير جديد و41 مطعما جامعيا، من بينها 5 مطاعم مركزية، ما يرفع قدرات الإيواء من 600 ألف إلى أكثر من 658500 سرير في هذا الدخول. وعلى صعيد آخر، تم تزويد الإقامات الجامعية بشبكة ”ويفي” لتسهيل الإبحار في الإنترنت للطلبة.
سجلت حالات فساد متعددة على مستوى دواوين الخدمات الجامعية عن طريق صفقات تمويلها بالمواد الغذائية. هل أنتم على اطلاع بذلك؟ وكيف ستتصدون لكل هذه التجاوزات؟
فعلا هناك مشاكل في التسيير وسجلنا تفاوتا واضحا. فالتمويل باللحوم مثلا يختلف من إقامة إلى أخرى، وهو ما دفعنا إلى اتخاذ قرار توحيد الوجبات على مستوى الأحياء الجامعية، كما تبين أن سوء التكوين كان وراء مثل هذه الثغرات، وانطلقنا في عملية تكوين مسيرين للمطاعم لتفادي مثل هذه التجاوزات مستقبلا.
تحولت الإقامات إلى مراقد بعد أن كانت في الثمانينات فضاء لممارسة النشاطات الثقافية، ألا ترون أنه حان الوقت إلى إعادة إحياء مثل هذه الأنشطة؟
لا يمكن إنكار ذلك، فقد غابت مثل هذه الأنشطة لسنوات عديدة، وكان تغييبها عاملا سلبيا للغاية، إلا أننا انطلقنا في مساعٍ جديدة لإحيائها ، إذ تدخلت الوزارة لدى الوزارة الأولى ووافقت الحكومة على تعزيز القطاع بفضاءات لممارسة الرياضة والأنشطة الثقافية داخل الأحياء، كما أنه تم تنصيب مديرية مركزية لتحسين حياة الطالب، ستكون مهمتها الوقوف على هذا المشروع وتحديد أهم النقائص وتعميم مثل هذه الأنشطة لتفعيل الجانب الثقافي بها، وهي خطوات تضاف إلى قرارات أخرى كاقتناء سيارات إسعاف، حيث ستستفيد كل إقامة من سيارة إسعاف للتدخل السريع في حال تسجيل أي مشكل صحي، بالإضافة إلى توظيف أطباء على مستوى الأحياء الجامعية.
علاقة الوزارة بالشركاء تتسم بالاستقرار. فهل هذا يعني أن جلسات الحوار جاءت بنتيجة؟
فعلا تبين أن الحوار سلوك مهم جدا، والدليل أن السنة الجامعية المنصرمة كانت سنة هادئة بامتياز، ومثل هذا الهدوء يخدم القطاع ويعطي الفرصة للوزارة للالتفات إلى آفاق جديدة من شأنها تحسين مستوى الجامعة، حيث بدأنا التفكير حاليا في تحسين النوعية من خلال نمط تكوين عالي المستوى بعد أن كان هدفنا هو توفير مقعد بيداغوجي لكل طالب.
انطلقت المؤسسات في تسليم السكنات الجاهزة والتي بلغت 2000 سكن من مجموع 10 آلاف وحدة، ومنح قرارات توزيع مسبقة لسكنات فاقت نسبة إنجازها 50%
وأين وصل الحوار مع نقابات الأساتذة الجامعيين؟
قطعنا أشواطا مهمة في هذا الإطار، فبعد اللقاءات المشتركة عملنا على تنصيب لجان تتكفل بحصر المشاكل ونقلها إلى الوزير شخصيا، نعقد بعد ذلك اجتماعات مع الشركاء الاجتماعيين ستتوج بقرارات لإعادة النظر في بعض النصوص. للوزارة دور في التدخل لدى الحكومة لتغييرها من أجل تحسين وضعية الأستاذة وعمال القطاع ككل.
المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي تمسك بمطلب رفع الأجور، فكيف كان رد الوزارة؟
الوزارة ستنظر في المطلب وفي مختلف المطالب المودعة وستخضع كل المقترحات للتفاوض، إلا أنه ينبغي التذكير في هذا السياق أن أساتذة التعليم العالي يتقاضون أجورا محترمة باستثناء الأساتذة المصنفين في الصنف الأول كأستاذ مساعد، وهذه الفئة وضعها مؤقت، إذ تتحسن أجورهم تدريجيا بعد التدرج على المنصب.
وماذا عن عدد الأساتذة عبر الوطن. هل هو كافٍ لتأطير العدد الهائل من الطلبة؟
باستثناء الأساتذة الحاملين لرتبة بروفسور الذين يسجل عددهم نقصا، فإن العدد الحالي للأساتذة يعد كافيا كون المقياس المتبع هو أستاذ لكل 21 طالبا، وحتى إن تجاوز هذا العدد فلن يتخطى عتبة 35 طالبا.
أين وصل ملف السكنات الوظيفية أو ما يعرف بسكنات الرئيس؟
انطلقت المؤسسات في تسليم السكنات الجاهزة والتي بلغت 2000 سكن من مجموع 10 آلاف وحدة، ومنح قرارات توزيع مسبقة لسكنات فاقت نسبة إنجازها 50%، وبالنظر إلى أن حوالي نصف عدد السكنات المبرمجة لم تنطلق أشغال إنجازها بعد أو تعرف صعوبات في الإنجاز، فقد تم بإشراف الوزير الأول الاتفاق مع وزير السكن والعمران والمدينة على تعويض هذه السكنات بسكنات جاهزة في صيغ أخرى لفائدة الأساتذة، ولحد الآن ردت بعض الولايات على طلباتنا بالإيجاب، وتم الاتصال بالمؤسسات المعنية لمباشرة تسليم قرارات الاستفادة من السكن، على أن يكون هذا حلا مؤقتا يمكّن الأساتذة من الاستفادة من سكن إلى أن يستلموا سكناتهم في إطار برنامج الرئيس، هذه الأخيرة التي تواجه حاليا مشكلة نقص العقار، كما تم الاتفاق في نفس الإطار على تسهيل إجراءات إدماج الأساتذة في البرامج السكنية الجارية مثل السكن الترقوي العمومي والسكن بصيغة البيع بالإيجار.
متى يمكن لنا أن نرى الجامعات الجزائرية ضمن الجامعات الأحسن دوليا؟
نحن لا ندافع عن الجامعة الجزائرية من أجل الدفاع فقط، وإنما المنطلق عندنا هو المقاييس المتبعة في ذلك، كما أنه عندما يتعلق بمنظمات دولية وإفريقية تتوفر الجامعة على مكانة محترمة، تبقى فقط هناك تصنيفات دولية لا تبني على الإنتاج العلمي فحسب، بل تشترط أمورا أخرى كضرورة حصول الجامعة على جائزة نوبل وغيرها من المقاييس، كما أن هناك تصنيفات مجحفة بحقنا، فكيف يعقل أن تصنف دول إفريقية وحتى شقيقة قبلنا، وهي التي ترسل أنجب طلبتها للدراسة بالجامعات الجزائرية، فهذا تناقض كبير ودليل على أن التصنيفات المنجزة لا تخضع لعوامل موضوعية.
ومع ذلك فنحن نسعى جاهدين لإبراز مكتسبات الجامعات الوطنية، وانطلقت الوزارة مؤخرا في مراسلة رؤساء الجامعات من أجل توحيد تسميات المؤسسات الجامعية للقضاء على التعدد في التسميات الذي فوت فرصا على جامعات مهمة كجامعة هواري بومدين بباب الزوار التي تقدم نمط تكوين عالي المستوى تنافس به أقوى الجامعات العالمية، وبهذا ومن خلال هذه المراسلة ستحمل كل جامعة تسمية واحدة وسيتم تفعيل موقعها الإلكتروني من أجل عرض مكتسباتها وأهم الإنجازات المقدمة ومختلف أنواع التكوين الذي تقدمه لاستعادة مكانتها العالمية.
المصدر
http://www.elkhabar.com/ar/autres/hiwarat/414629.html